لعمامرة "مُنظف مسرح الجريمة" بقناع ديبلوماسي
السيرة الذاتية لوزير الخارجية الجزائري و الجالية " رمطان لعمامرة ، و الذي قضى أكثر من 45 سنة بين العمل القنصلي و الدبلوماسي، وتقلده لمناصب سامية في دول إفريقية ومهام في منظمات قارية… جعلت منه الشخص الأكثر تأهيلا ليقوم بمهمة "مُنظٍف" مسرح جرائم النظام العسكري الجزائري..
فبعد تـوَفُـقِه في إخفاء معالم جرائم عهد الرئيس بوتفليقة الذي رافقه في رحلات علاجه الأخيرة إلى جنيف السويسرية وعاد للجزائر من دونه لتأمين انتقال كرسي الجمهورية وسط غضب شعبي و حراك مجتمعي في فبراير 2020.. وهي المهمة التي نجح فيها بمباركة من الجنرلات وبرعاية سونطراك..
ستدخل الجزائر مرحلة جديدة و بدستور جديد ركز كل السلط في شخص رئيس الجمهورية الذي هو في نفس الوقت وزير الدفاع و ان مجال السياسة الخارجية محفوظ لشخص رئيس الجمهورية.. مع ديباجة تقترب من تقديس و "تأْلـيه" مبالغ فيه للجيش و تجعل الشعب مدين للجيش ورهينته مدى الحياة..
و ستُعمق أزمة كورونا من جراح الشعب الجزائري الغني بثرواته الباطنية و سيختار الشعب لغة الحِراك في حين ستختار السلطات الجزائرية لغة التنكيل والاعتقال والسجن، و افتعال أزمات خارجية لتهريب تساؤلات الواقفين في طوابير الحليب والسكر والخبز واللحم..
السلطات الجزائرية لم تقدم أجوبة للشارع الجزائري.. ليس لأنها حاولت و لم تنجح ، بل لأنها أولًا، لا تملك تصور مجتمعي لتنمية الشعب الجزائري.. ولأنها ثانيًا، خُلِقت فقط لتُعادي الجيران بدءا من تونس الشقيقة مرورا بدول الساحل جنوب الصحراء (طوارق مالي نموذجا)، و خلق مشاكل لِـرُحًل ليـبيـا " الطوارق " ، إلى محاولة الاستيلاء على الشواطئ الإيطالية (شواطئ جزيرة سردينيا) بمرسوم رئاسي جزائري لترسيم الحدود البحرية…
لكن ظل الشغل الشاغل لكل "ماكينة" العسكر الجزائري هو عرقلة عجلة المغرب بصورة مرضية مفرطة و غير مبررة بالنظر للأيادي البيضاء للمملكة الشريفة لسكان الجار الشرقي في أيام الاحتلال العثماني ثم الفرنسي.. و بالنظر لمساعدات السلاطين المغاربة أيام المقاومة كمكان لجوء رجال المقاومة و مورد السلاح و المُؤن حتى إعلان خلق دولة الجزائر سنة 1962 ..و استمر العداء و نكران الجميل لستة عقود متتالية.. و زرع كيان وهمي و احتضانه فوق أراضيه و شراء السلاح و الأصوات و الولاءات و الأقلام و التقارير..بشيكات سونطراك..
لقد قـسًم الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في نوفمبر 2020 ظهر النظام العسكري الجزائري وعرى عن قزمية الديبلوماسية الجزائرية..و ظهرت عارية امام العالم بأنها لا تملك أوراقا تاريخية ، بل تملك فقط أوراق نقدية توزعها يمينا و شمالا في الأماكن المظلمة و الممرات الضيقة..كما زادت قضية "غالي غيت" من نزيف الديبلوماسية الجزائرية و أجهزتها الأمنية…
ومن جديد سيلجأ الحرس القديم الى خدمات لعمامرة "كمُنظف لمسرح الجريمة" و ذلك بتعيينه لثالث مرة كوزير للخارجية و بإضافة الجالية الجزائرية..خلفا للوزير "صبري بوقادوم" الذي اعتبر كبش فداء في قضية إبراهيم غالي / بن بطوش..
وقد ظهر جليا أن لعمامرة لم يستوعب جيدا التغيير العميق في معادلات العلاقات الدولية من خلال تماديه اثناء اشغال دول عدم الانحياز في يومي 13 و 14يوليوز في دعمه للبوليساريو.. وجاءه الرد الفوري من طرف السيد "عمر هلال" بإثارته لمطلب شعب القبائل في حق تقرير مصيره…
و كان تصريح السفير المغربي "عمر هلال" قد هَيًـج لعمامرة و أفقده أعصابه من خلال نشره لبيان يوم 16يوليوز يحتمل العديد من القراءات ، خاصة الفقرة " الجزائر تدين بشدة هذا الانحراف الخطير، بما في ذلك على المملكة المغربية نفسها داخل حدودها المعترف بها دوليا…" ثم استدعت سفيرها لدى الرباط للتشاور يوم 18 يوليوز..
و سترتفع حرارة شهر يوليوز في أسبوعه الأخير بعد نشر مؤسسات إعلامية ملف "بيغاسوس" و ركوب إعلام العسكر الجزائري على أحداث الضجة التي خلفها التجسس على هواتف شخصيات حقوقية و صحافيين..ففي الوقت الذي رفع المغرب دعوى قضائية أمام القضاء الفرنسي ضد تلك المنابر التي سعت التشهير بالمغرب والزج به في خلافات مع دول صديقة.. فقد فضلت الجزائر الاتهام المجاني للمغرب بالتجسس على مواطنين جزائريين و تحريض جماعي على المغرب…
ورغم ذلك فقد حمل خطاب العرش 30يوليوز مبادرة ملكية بفتح الحدود والتعاون سويا من أجل بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة وحسن الجوار بعيدا عن كل التوترات الإعلامية و الديبلوماسية…
لقد اعتبر العديد من المحللين أن خطاب اليد الممدودة للجزائر سبًب إحراجًا كبيرا للنظام الجزائري أمام الشعب الجزائري وأمام الأشقاء العرب وأمام المنتظم الدولي… كما أقام الحجة على سبق الإصرار و الترصد لتشويه صورة المغرب بالخارج من طرف العسكر الجزائري بما في ذلك الترويج لأخبار زائفة و إغراق منظمات حقوقية بهبات و شيكات سونطراك…
فبعد الحرائق الاجتماعية و السياسية و الديبلوماسية ستجتاح الجزائر انطلاقا من يوم 10غشت حرائق غير مسبوقة خاصة في غابات مناطق القبائل، وهي الحرائق التي خلفت العديد من الخسائر البشرية و المادية و البيئية.. وفي الوقت الذي أبدى المغرب استعداد لإطفاء حرائق مناطق القبائل..ستدير الجزائر ظهرها للشقيق المغربي مفضلة حلولًا أخرى…
لذلك يجب استبعاد الغرابة عن مواقف العسكر الجزائري من اليد الممدودة والمبادرات الملكية منذ مجيء الملك محمد السادس..لأن عقيدة النظام الجزائري مبنية أساسا على العداء للمغرب و ليس شيء آخر..
وفي الوقت الذي كان من المفروض تخصيص جهود العسكر لإيجاد حلول لإطفاء الحرائق ..سيخرج " لعمامرة " ليتلو بيان مجلس الأمن الجزائري ليوم 18 غشت وهنا أيضا ندعو لقراءة اختصاصات مجلس الامن الجزائري و أعضاؤه و توقيت قراراته…!
سيخرج المجلس العسكري الجزائري عفوا مجلس الأمن برئاسة " تبون " بقرار إعادة النظر في طبيعة العلاقات بين الجزائر و المغرب.. بعد الأحداث العدائية المتواصلة من طرف المغرب ضد الجزائر…!!
وهنا نلاحظ الخط التصاعدي و التصعيدي الممنهج لعسكر الجزائر بغض النظر عن مضمون خطاب العرش 30 يوليوز الذي اعتبر أن أمن و استقرار الجزائر هو من أمن واستقرار المغرب، و ان المغرب لن يكون أبدا مصدر للشر للجزائر ، بل مصدر الخير و النماء لدرجة تشبيه الجزائر بالأخ التوأم…
ثم جاء خطاب ثورة الملك و الشعب المجيدة 20 غشت ليحمل أجوبة لاسئلة ظلت عالقة طيلة المدة الأخيرة ، وحدد مفهوم مصطلح الجوار و التعاون و المصالح المشتركة.. و أن السقف هو عدم المساس بالمصلحة الوطنية العليا.. معلنا عن تعاون غير مسبوق مع الجارة الشمالية اسبانيا و عن قوة الشراكة و التضامن مع فرنسا و التقدير الخاص لرئيسها ماكرون..
و هو الخطاب الذي سيرفع من درجة الضغط في جسم العسكر الجزائري و يدفع "بلعمامرة " لقراءة بيان جديد يوم 24 غشت معلنا عن قطع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب..
سيعتمد لعمامرة أو "منظف مسرح الجريمة" في إعلان قرار القطيعة الديبلوماسية مع المغرب على إخراج رديء، كان هدفه هو خلق فرقعة إعلامية و سياسية فقط... من جانب آخر فليست الرداءة فقط هي طابع إعلان القطيعة، بل أيضا الملل حيث قارب اللقاء 3ساعات و تطلبت قراءة البيان1ساعة كاملة من " لعمامرة "…
فقطع العلاقات الديبلوماسية هو طريقة احتجاج تضمنتها "اتفاقية فيينا" لسنة 1961 وهو قرار سيادي تتحمل فيه الدول مسؤوليتها أمام المنتظم الدولي، لأنه قرار أُحادي حسب اتفاقية فـيـينا .. لكن اللافت هو طريقة الإخراج و أسباب التبرير الواهية.. فليس سرا أن العلاقات شبه مقطوعة بين البلدين منذ سنة 1994 و أن الجزائر استدعت سفيرها للتشاور في يوليوز 2021..لذلك فقد كان مجرد إعلان و إرسال بيان القطيعة الرسمية إلى وسائل الإعلام العالمي كاف، و دون الحاجة إلى كل تلك البهرجة التي كان الهدف منها هو إشغال الرأي العام الجزائري أولا عن مطالب الحراك الشعبي و أيضا عن عجز العسكر لتوفير وسائل إطفاء حرائق الجزائر الاجتماعية والسياسية و البيئية وغيرها…
و بإعادة قراءة شريط الاحداث و ردود الأفعال بين اليد الممدودة و إعلان القطيعة، يظهر بشكل فاضح أن النظام الجزائري كان يتلكك و يُخطط لهذه القطيعة بعد كل الخيبات و الهزائم الديبلوماسية خاصة في ملف الوحدة الترابية و الوطنية و صورة المغرب بالخارج خاصة دوره في الملف الليبي و تدبيره لجائحة كورونا وهي الملفات التي عرفت سقطات مدوية للأجهزة الجزائرية..
لكن دعونا نناقش المبررات الجزائرية الواهية المُـؤسسة لقرار القطيعة مع المغرب:
1 ـ أتوقع أن لعمامرة" إما أنه لم يكن في وضع صحي عادي وهو يقرأ المغالطات التسعة (9)، أو أنه أجل توبيخ الضمير إلى ما بعد نهاية قراءة بيان جنيرالات القطيعة.. إذ كيف يقبل على نفسه وهو الذي احترف الديبلوماسية أكثر من 45 سنة بتقديم قراءة خاطئة عن مرحلة تاريخية عاشها الجميع.. فحرب الرمال لسنة 1963 مثلا، كان المغرب يدافع فيها عن حدوده التاريخية بعد هجومات و تحرشات حدودية من طرف الجيش الجزائري الذي كان مدعوما بليبيا القذافي و جمال عبد الناصر…و هي المعركة التي انتصرت فيها القوات المسلحة الملكية وأسرت ضباط من جنسيات غير جزائرية مع سقوط شهداء مغاربة أيضا..
2 ـ إعادة العلاقات المغربية / الجزائرية سنة 1969 لم يكن ثمرة مجهودات جزائرية بل كان نتيجة جهود دول عربية و إسلامية بمناسبة القمة الإسلامية سنة 1969، والذي توج باتفاقيتي إفران والرباط سنة 1972 وهو ما تجنب ذكره " لعمامرة " في بيان القطيعة.. أمام مسألة تكريس حرمة الحدود الموروثة عن الاستعمار فإننا نذكر "لعمامرة" بأن المغرب سجل اعتراضه عليه في حينه بمناسبة القمة الإفريقية بمصر سنة 1964..وهو ما يعني أن المغرب لم يكن معنيا به، لأنه لم يسترجع حينها كامل أراضيه الصحراوية من المستعمر الإسباني…
3 ـ عندما ذكًر "لعمامرة " بقطيعة المغرب للجزائر سنة 1976 فقد كان عليه ان يقول كل الحقيقة و ليس جزءا منها، فكيف يتكلم عن اتفاقية حسن الجوار و التعاون باتفاقية سنة 1972.. ثم يصرح بدون خجل ان الجزائر قامت باتخاذ قرار سيادي باعترافها بشرذمة البوليساريو سنة 1976... ثم هزيمتها في معارك " أمغالا " الأولى و الثانية.. من أجل تثبيت المرتزقة فوق الصحراء المغربية.. ستعود العلاقات من جديد سنة 1988بعد جهود قوية من طرف العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله بتوقيع بيان مشترك في ماي 1988 أساسها احترام حسن الجوار و الاتفاقيات المبرمة و التمهيد لبناء المغرب العربي الكبير و تعزيز الصف العربي حول القضية الفلسطينية..لكن الوقائع اثبتت ان الجزائر لم تحترم اتفاقياتها او حسن الجوار بل ضخًتْ المزيد من الأموال في بطون المرتزقة و في جيوب أبواق الاطروحة الانفصالية..
كما أن الوقائع أثبتت بالدليل أن ما قدمه المغرب للقضية الفلسطينية و للشعب الفلسطيني لا يقتصر على التهليل به في المنابر الإعلامية و دغدة مشاعر الشارع العربي كما تفعل الجارة الشرقية.. بل بـالمساندة الفعلية و المادية و السياسية و الترافع أمام كل الهيئات و المنظمات الدولية…
4ـ كان على "لعمامرة" وهو يغالط التاريخ برفض الجزائر التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب مهما كانت الظروف.. أن يتذكر فقط أن إيواء شرذمة المرتزقة فوق أراضيها هو تدخل في شؤون المغرب الداخلية، و نفس الشيء عندما يقال عندما تُجَيش الأقلام و تشتري الأصوات و الولاءات ضد الوحدة الترابية المغربية فهذا يسمى تدخلا في الشؤون الداخلية المغربية..
كما كان عليه ان يتذكر "كريم مولاي" عميل المخابرات الجزائرية السابق و اللاجئ السياسي الحالي ببريطانيا منذ فبراير 2001 ، و اعترافه بوقوف المخابرات الجزائرية وراء التفجير الإرهابي بفندق اسني بمراكش في غشت 1994،وانه هو من قام بكل الترتيبات اللوجستيكية لتلك العملية الإرهابية، والتي على إثرها فرض المغرب التأشيرة على المواطنين الجزائريين سنة 1994فرضت الجزائر بإغلاق الحدود منذ ذلك التاريخ…
و يبدو أن ميزان السيد لعمامرة" مختلا ‘لى حد كبير، فهو من جهة يعتبر تصريح السفير "عمر هلال" بخصوص تقرير مصير شعب القبائل استفزاز قويا.. ومن جهة أخرى، يدعم بقوة تقرير مصير سكان الصحراء المغربية مسألة تصفية استعمار.. مع أن المبدأ هو واحد لا يقبل التفرقة أو الميزاجية…فالمغرب قد قام بالفعل بتصفية الاستعمار سنة 1975 بتنظيمه للمسيرة الخضراء و استرجع أراضيه الصحراوية..
5 ـ المثير للسخرية أن "لعمامرة" يسقط من عَلٍ بقوله أن وزير الخارجية المغربي هو المحرض الأساسي لتصريحات نظيره الإسرائيلي خلال زيارته للمغرب في شهر غشت الماضي، اذ تصريحات الوزير بالحذر من التقارب الجزائري / الإيراني ، تلزمه شخصيا و تلزم حكومته.. إذ لم يتعود المغرب التدخل في تصريحات ضيوفه.. ربما يقع هذا في الجزائر لكن في المغرب لا…و مادام " لعمامرة " قد اعتبر العلاقات الجزائرية / الإيرانية هي مجرد اتهامات باطلة، فكيف يُفسر تأييد سفارة إيران بالجزائر لقطع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب..؟
كما أن الخطير في الأمر، أن ديبلوماسي من وزن " لعمامرة " لا يزال يقف عند أدبيات الصراع العربي / الإسرائيلي لسنة 1948 ..متناسيا عوامل التأثير و التأثر للعديد من الأحداث و الحروب الذي عرفه ذلك الصراع... سواء العدوان الثلاثي سنة 1958 أو النكبة سنة 1967 أو حرب أكتوبر سنة 1973.. وما تلى ذلك من اتفاقات سلام مع إسرائيل أولها "كامب ديفيد" مع مصر سنة 1979 ثم الأردن و موريتانيا و الإمارات و البحرين و السودان ثم المغرب في نهاية سنة 2020..
فالمغرب دولة حرة مستقلة و لا يتلقى أوامر خارجية و ليس حديقة خلفية لأي محور سياسي أو إيديولوجي.. لذلك فكل اتفاقاته الدولية هي قرارات سيادية صرفة تخضع لمعايير المصلحة المشتركة والتعاون وحسن الجوار مع سقف الحفاظ على المصالح الوطنية العليا..
6ـ نقترب من اليقين أن "لعمامرة" ليس في وضع صحي عادي، فهل يُصدق هو نفسه أن هناك "تعاون بارز و موثق" بين كل المغرب و " الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل " ( الماك ) من جهة ، و "حركة رشاد الإسلامية" من جهة أخرى ، لأن حركة الماك و حكومة " مهني فرحات " تشتغل فوق التراب الفرنسي، في حين أن حركة رشاد تشتغل فوق التراب البريطاني..لكن لماذا لم ينشر " لعمامرة " كل الحجج البارزة و الموثقة لهذا التعاون..؟
لقد وضع لعمامرة نفسه في وضع مُحرج باتهامه لتلك الحركات بضلوعها في حرائق يوم 10 غشت، إذ أن أغلب الإعلاميين الحاضرين لندوة "لعمامرة" يعلمون جيدا أن التقلبات المناخية كانت السبب الأساسي في العديد من الحرائق التي عرفها العالم سواء في تركيا أو قبرص أو اليونان أو جنوب إيطاليا أو المغرب…و غيرها من دول العالم وهو ما جاء به تقرير أممي نشر يوم 9 غشت2021.. فوحدها السلطات الجزائرية التي استبعدت التقلبات المناخية دون غيرها من دول المعمور..
كما أنه لم ينجح في عملية تبييض سجل الجزائر من الحادث الإرهابي بفندق أسني بمراكش سنة 1994، في حين أن العميل السابق للمخابرات الجزائرية "كريم مولاي" و اللاجئ السياسي ببريطانيا حاليا، قد اعترف أكثر من مرة و أمام الاعلام العالمي بضلوع الجزائر في ذلك الحادث الإرهابي..و بذلك يكون و شهد شاهد من أهلها…
7ـ لا أعتقد أن " لعمامرة " كان جادا في هذه الفقرة ، لأن لا أحد ينكر التزام الملك الراحل الحسن الثاني بتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء المغربية ، لأنه كان يعتبره استفتاءا تأكيديا لمغربية الصحراء فقط..كما أن لا أحد ينكر صعوبات التنزيل و التطبيق خاصة في معايير تعريف " الكتلة الناخبة " مما جعل الأمر يتأجل أكثر من مرة حتى اصبح مستحيلا..مما جعل العديد من المبعوثين الخاصين لأغلب أمناء الأمم المتحدة و معهم قرارات مجلس الأمن الدولي يقفون على أرضية المقاربة الواقعية و الحل السلمي التفاوضي…لكن أن يصف "لعمامرة " مبادرة " الحكم الذاتي " المغربية بقوله " يعيش القادة الحاليون للمملكة على وهم فرض إملاءاتها على المجتمع الدولي " فان هذا يعني ان جنرالات الجزائر يرفضون الشرعية الدولية و لا يعترفون بقرارات بقرارات مجلس الامن الدولي المكلف حصريا بملف الصحراء المغربية..
8ـ تحمل هذه الفقرة سقطة مدوية للوزير " لعمامرة " و لكل مهندسي سياسة العداء الجزائري للمغرب، إذ يستحيل اتهام المغرب بعرقلة منظمة "الاتحاد المغرب العربي" في غياب أدلة تاريخية ثابتة.. أما الإشارة إلى قرار المغرب بتجميد أنشطة مؤسسات الاتحاد .. فيجب قراءته مع أسباب نزوله و ليس معزولا عنها…
لكن الثابت هو إيمان الملك محمد السادس باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي و قاطرة لتمنية الشعوب والتضامن و الحوار المتوسطي و تكتل إقليمي افريقي واعد..عبر عنه جلالته في العديد من الخُطب و الرسائل الملكية منذ اعتلاءه للعرش المغربي…
9ـ لقد اعتقَدَ " لعمامرة " أنه بهكذا أسباب واهية سيُؤسس عليها قرار القطيعة الديبلوماسية مع المغرب ، و لم يستحضر مضمون خطاب اليد الممدوة في 30 يوليوز 2021 الذي لم يُحدد شروطا ولم يحدد سقفا للحوار و التشاور… لمستقبل العلاقات بين البلدين الشقيقين و لمصالح شعوبهما المشتركة…وهو الخطاب الذي أصبح وثيقة تاريخية شاهدة على حسن نية المغرب تجاه جاره الشرقي..و شاهدة على الحكمة و التبصر و طول النفس في تدبير أزمة ليس له يد فيها…
إن كل تلك النقاط التسعة تعُـج بالعديد من المغالطات التي يعلمها أغلب الحاضرين لندوة السيد " لعمامرة "..لكن نظام العسكر يصر بشكل هيستيري على ترويجها إعلاميا..لانه في حاجة الى جرعة أوكسجين بعد اختناقه بدخان الحرائق الاجتماعية و السياسية و البيئية…
لقد أثبت " لعمامرة " أنه لا يملك عصى سحرية لإخراج الجزائر من عزلتها على المستوى الإقليمي و القاري و الدولي، بدليل فشله في الوساطة المصرية الإثيوبية حول سد النهضة..حيث ستغلق إثيوبيا بعدها سفارتها بالجزائر، و بدليل فشله في الملف الليبي من خلال بدعة دول الجوار… حيث لا يمكن القفز على البصمات المغربية في الملف الليبي من خلال توصيات لقاءات الصخيرات و بوزنيقة..مع ملاحظة أن المنتظم الدولي رفض تعيين لعمامرة في وقت سابق كممثل للأمين العام للأمم المتحدة " غورتيرس " في الملف الليبي..
أما رفض السفير المغربي بالجزائر لدعوة الوزير لعمامرة ، فقد كان درسا ديبلوماسيا مغربيا بليغا للوزير الجزائري، إذ تقتضي الأعراف الديبلوماسية ان تكون الدعوة قبل القطع و ليس بعده ، لانتفاء الصفة الديبلوماسية..وهنا يجب التذكير ان قطع العلاقات الديبلوماسية شيء و العلاقات القنصلية شيء آخر..وهو ما يستوجب نصا صريحا خاصا به..لذلك فاشارة لعمامرة بعدم تضرر المواطنون بالجزائر أو بالمغرب بأي ضرر و أن القنصليات سيستمر في أشغالها.. لم يكن كرما من العسكر الجزائري ولم يكن كاف لتجميل الوجه العدائي لجنيرالات الجزائر.. وهنا أيضا فشل " لعمامرة " في مهمته كمنظف لمسرح الجريمة…
إننا نتأسف أولا على هذه القطيعة مع الشقيقة الجزائر بكل ما يحمله قطع الارحام من آلآم نفسية و اضرار اجتماعية..كما نأسف ثانيًا لهشاشة التبريرات التي تُجانِب الحقيقة التاريخية التي يعرفها الجميع و يُغَيِبها عسكر الجزائر في بيان القطيعة ، و نأسف على أخيرا على رداءة التواصل السياسي في زمن شبكات التواصل الاجتماعي و منصات التويتر و غيرها..عوض قراءات صكوك العداء لمدة 3ساعات..
لقد ظهر بالملموس أن حُراس معبد السلطة بالجزائر.. يُفضلون تسيير شؤون الشعب الجزائري من الثكنات العسكرية و ليس من مقرات الحكومة و البرلمان و لا يُشاركون المجتمع المدني و الحقوقي في رسم السياسات العمومية…
فالجزائر بثرواتها الباطنية تستحق أن تكون في نفس درجات النمو و الرفاهية ككل الدول المنتجة و المصدرة للبترول (دول الخيلج نموذجا ) سواء في الصحة و التعليم والشغل و السكن.. هو ما يعني أن الجزائر ملزمة بالتخلص من عقلية كراهية الجيران، و عوض إعلان قطع العلاقة مع المغرب، فقد كان الأولى هو إعلانها قطع العلاقات مع مصطلحات الحرب الباردة و بروبكاندا شيطنة الآخر والقطع مع نظرية المؤامرة…